مقالات مقاوِمة 1: عبد الباري عطوان//القدس العربي


جريمة 'الموساد' في دبي
عبد الباري عطوان
إقدام 'الموساد' الاسرائيلي على اغتيال محمود المبحوح احد قادة الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية 'حماس' في فندق كان يقيم فيه بامارة دبي، هو اختراق لأكثر من خط احمر:
' الاول: ان الجريمة وقعت في دولة عربية 'معتدلة'، تتبنى توجهات ليبرالية اقتصادية واجتماعية، واستضافت قبل عشرة ايام وزيرا اسرائيليا شارك في مؤتمر حول الطاقة المتجددة.
' الثاني: فتح باب الاغتيالات السياسية خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة، مما قد يترتب على هذه الخطوة من عمليات انتقامية ثأرية متبادلة في اكثر من عاصمة عربية وغربية.
فطريقة تنفيذ عملية الاغتيال هذه توحي بأنه جرى التخطيط لها بعناية فائقة، حيث قامت عناصر استخبارية بمتابعة تحركات الشهيد بدقة متناهية، منذ انطلاقه من دمشق الى دبي، الامر الذي قد يعني حدوث اختراق امني، او اهمال امني، من قبل اجهزة حركة 'حماس'، والاجهزة الامنية السورية ايضا.
عملية اغتيال على هذه الدرجة من الخطورة، ولشخصية قيادية ساهمت في تأسيس جناح عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة 'حماس'، وخططت ونفذت لاختطاف ومن ثم اعدام جنديين اسرائيليين، لا يمكن ان يقوم بها غير جهاز امني على مستوى 'الموساد' الاسرائيلي.
وليس من قبيل الصدفة ان تحدث هذه العملية الاجرامية في عهد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وحكومته اليمينية العنصرية المتطرفة، ففي حكومته الاولى التي لم تعمّر طويلا، وفي ظروف سياسية ودبلوماسية مشابهة، اقدم نتنياهو على ارسال مجموعة من عملاء الموساد لاغتيال السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' في العاصمة الاردنية عمان في ايلول (سبتمبر) عام 1997 باستخدام سموم كيمياوية.
العاهل الاردني الملك حسين هدد في حينها بالغاء معاهدة 'وادي عربة' للسلام مع اسرائيل، اذا لم يتم ارسال المصل المضاد للسموم المستخدمة في عملية الاغتيال، وكان له ما اراد، حيث اذعنت حكومة نتنياهو لهذا الطلب فورا وسط فضيحة دولية.
' ' '
حكومة الامارات العربية المتحدة مطالبة بالتعامل بالحزم نفسه في مطاردة الجناة وتقديمهم الى العدالة، وبالاسلوب نفسه الذي تعاملت به مع جريمة اغتيال الفنانة اللبنانية سوزان تميم، بل وبما هو اكثر صرامة، لعدم وجود مقارنة بين الجريمتين، فالاولى طابعها سياسي، والثانية جنائي.
شرطة دبي سارعت، وفي ظل الشفافية التي تتمتع بها، الى اصدار بيان اكدت فيه كشف هوية الجناة، وجوازات السفر الاجنبية التي استخدموها لدخول البلاد وتنفيذ جريمتهم، والتنسيق مع البوليس الدولي (الانتربول) لالقاء القبض عليهم.
فموقع دبي كمركز مالي وتجاري دولي هو الاكثر تضررا من جراء هذه الجريمة، لان توفير الامن يعتبر محور الارتكاز الرئيسي للحفاظ على هذه المكانة وتكريسها، اقليميا وعالميا. ولا نستبعد ان تكون اسرائيل قد قررت استهداف هذه التجربة وتقويضها من خلال هذه الجريمة، لابتزاز دولة الامارات العربية المتحدة واجبارها على خطوات تطبيعية، ضاربة بذلك عصفورين بحجر، اي تصفية شخصية قيادية عسكرية فلسطينية 'دوّخت' الموساد على مدى ثلاثين عاما، وإحداث اختراق تطبيعي مع دولة عربية ما زالت تتردد في اقامة علاقات دبلوماسية او تجارية مباشرة معها.
السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' حرص على التأكيد اثناء تقدمه موكب تشييع الشهيد المبحوح ابن مخيم جباليا البار، بأن ابناءه سينتقمون، وان كتائب الشهيد عز الدين القسام سترد. وعلمتنا التجارب الماضية انها، اي كتائب القسام، اذا قالت فعلت.
السؤال هو اين ستتم عملية الأخذ بالثأر، داخل الاراضي الفلسطينية ام خارجها؟ وربما يفيد التذكير، تذكير الاسرائيليين وحلفائهم الغربيين، بأن فصائل المقاومة الفلسطينية اربكت العالم بأسره، واوقعت خسائر كبيرة بالاسرائيليين، وبثت الرعب في سفاراتهم وشركات طيرانهم، عندما نقلت المعركة الى ميادين ارحب، وفي القارة الاوروبية على وجه الخصوص، في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
' ' '
نتنياهو يعيش ازمة سياسية خانقة، وتعيش حكومته عزلة دولية غير مسبوقة، فعملية السلام التي أراد استخدامها كغطاء لمواصلة استيطانه وتهويده للاراضي المحتلة معطلة بالكامل، والسلطة الفلسطينية قاومت بشراسة (حتى الآن) كل الضغوط العربية والامريكية للعودة الى طاولة المفاوضات، وجاء تقرير غولدستون حول جرائم الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة ليفضح الوجه القبيح للنازية الاسرائيلية، ويصعّد من الكراهية تجاهها، اي اسرائيل، في مختلف انحاء العالم.
لا نستبعد ان يكون نتنياهو، وفي ظل هذا الوضع المزري، يبحث عن ذريعة لشن عدوان على قطاع غزة او لبنان، او الاثنين معاً، فقد حاول اغتيال السيد اسامة ابو حمدان ممثل حركة 'حماس' في لبنان، بوضع سيارة ملغومة امام مكتبه في الضاحية الجنوبية، ولكن المحاولة فشلت، وان كان راح ضحيتها احد عناصر المكتب، وها هو يرسل عملاء الموساد الى دبي لتصفية الشهيد المبحوح لتحقيق انتصار صغير، ربما يدفع ثمنه غالياً فيما هو قادم من ايام.
علينا ان نتذكر ان مناحيم بيغن ووزير دفاعه في حينها ارييل شارون استغلا محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن موشي ارغوف، لاجتياح لبنان لاخراج المقاومة الفلسطينية من جنوبه، فخرجت المقاومة فعلاً، ودخلت اسرائيل في حرب اكثر دموية مع خصم اشد عناداً في الحق هو 'حزب الله'، الذي اجبرها على الانسحاب مهزومة، واذلّها مرة ثانية عندما حاولت تكرار الشيء نفسه في صيف عام 2006.
' ' '
كتائب القسام انتقمت لشهيدها المهندس يحيى عياش بأربع عمليات استشهادية في القدس المحتلة والخضيرة. وتل ابيب، اوقعت مئات القتلى والجرحى، وهزت الدولة الاسرائيلية وأمنها، فقد اقسم قادة الكتائب على تنفيذ اربع عمليات انتقاماً لشهيدهم، وقد اوفوا بالعهد كاملاً بعد اسابيع معدودة من عملية الاغتيال التي وقعت عام 1996، ورسّخوا ثقافة العمليات الاستشهادية على مدى السنوات التي تلت.
من يقدم على عملية اغتيال كهذه، وفي امارة دبي، لا يريد السلام والاستقرار في المنطقة، وانما اشعال الحروب، وزعزعة الأمن، ولعل نتنياهو يريد من خلال هذه الجريمة جرّ المنطقة الى حمامات دموية، وهدم المعبد على رأسه ورؤوس الآخرين، فشخص مثله، وفي مثل عنصريته واحقاده لن يتورع عن فعل ذلك.
عملية الاغتيال الاجرامية هذه تأتي بمثابة قرع جرس انذار لايقاظ العرب جميعاً من سباتهم العيق، والعودة الى ثوابتهم الوطنية والاسلامية، والتراجع عن خيار السلام الذي تبنوه طوال السنوات الثلاثين الماضية ولم يعد عليهم الا بالذل والهوان والغطرسة الاسرائيلية.
لا حرمة لدولة عربية في المنظور الاسرائيلي، ولا حصانة لترابها وأمنها، فجميع العرب والمسلمين اعداء الداء، معتدلين كانوا او متشددين، هذا ما يجب ان يعرفه زعماء العرب، ويتعاطون على اساسه مع هذه الدولة المارقة قبل فوات الأوان.                      

                                                                                 الانتفاضة آتية والمصالحة حتمية

عبد الباري عطوان

اختتم السناتور جورج ميتشيل مبعوث السلام الامريكي الى الشرق الاوسط جولته الاخيرة دون تحقيق تقدم ملموس على صعيد امكانية استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، وهي المهمة الاساسية من وراء هذه الجولة.
ثلاثة اسباب رئيسية ادت الى فشل هذه الجولة، وعودة صاحبها خالي الوفاض الى العاصمة الامريكية:
' اولا: اعلان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الاحتفاظ بجميع الكتل الاستيطانية اليهودية الرئيسية في الضفة الغربية، وابقاء السيطرة الاسرائيلية الكاملة على غور نهر الاردن، اي الحدود الشرقية لاي دولة فلسطينية يمكن ان تقوم نتيجة اتفاق تسوية بين الطرفين.
' ثانيا: اصرار الرئيس محمود عباس على عدم العودة الى مائدة المفاوضات مجددا الا بعد التزام نتنياهو وحكومته بتجميد كامل للاستيطان في الضفة والقدس المحتلة، وتحديد مرجعية واضحة للمفاوضات وسقف زمني محدد لانهاء المفاوضات مدعوما بضمانات دولية.
' ثالثا: تصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما التي اعترف فيها بسوء تقدير ادارته للعقبات الموضوعة في طريق العملية السلمية، ومحدودية الدور الامريكي، وهو الاعتراف الذي شكل تراجعا واضحا عن جميع وعوده والتزاماته السابقة، ورضوخه امام الضغوط الاسرائيلية للتخلي عن شرط تجميد الاستيطان الذي قال انه شرط ضروري لاستئناف العملية السلمية.
فشل مهمة السناتور ميتشيل، وفق التصريحات الرسمية، يعني حدوث حالة فراغ سياسي (البعض يقول انه جمود)، وانهيار الرهان العربي على الخيار السلمي، الامر الذي يعني ان مبادرة السلام العربية باتت فاقدة الصلاحية.
التجارب السابقة في المنطقة العربية، ومناطق اخرى من العالم، علمتنا ان الفراغ السياسي ضد طبيعة الاشياء، ولذلك لا يعمّر طويلا، ولا بد من حدوث تطورات لاحقة تملأه بصورة او بأخرى، فالمنطقة العربية التي عاشت طوال العشرين عاما الماضية تقريبا على اوهام العملية السلمية لا تستطيع ان تستمر بدونها، لان الانظمة العربية، وببساطة شديدة، لم تفكر، ولم ترد ان تفكر بأي خيارات او بدائل اخرى، او 'الخطة ب'، مثلما هو متعارف عليه في الدول المتحضرة.
' ' '
السلطة الفلسطينية في رام الله تتحدث 'على استحياء شديد' عن امكانية تفجير 'انتفاضة سلمية' في الضفة، اي ترتيب مظاهرات واحتجاجات، وعصيان مدني، وربما العودة الى 'سلاح الحجارة' في محاكاة لتجربة الانتفاضة الاولى التي اتت بها الى رام الله قبل ستة عشر عاما.
نقول 'على استحياء' لانه عندما انفجرت الانتفاضة الاولى قبل عشرين عاما، لم تكن هناك سلطة تعتمد اعتمادا كليا على اموال الدول الغربية المانحة، ويشرف على شرطتها وقوات امنها الجنرال الامريكي دايتون، ناهيك عن بطاقات (V.I.P) لكبار الشخصيات، ووجود حكومة ووزراء ورئاسة ومقاطعة.
السلطة تعيش مأزقا غير مسبوق، لان تأييدها للانتفاضة قد يعني عمليا اقدامها على حل نفسها، واعادة الضفة الغربية الى صورتها السابقة، اي ارض محتلة بالكامل من قبل القوات الاسرائيلية، اي ان يتحول الاحتلال، من احتلال مقنع الى احتلال علني، تتحمل من خلاله الحكومة الاسرائيلية مسؤولية ادارة الاراضي المحتلة بالكامل، اي توفر الامن والماء والكهرباء والتعليم والصحة لما يقرب من ثلاثة ملايين فلسطيني.
الرئيس محمود عباس يواجه حاليا الظروف نفسها التي واجهها الرئيس الراحل ياسر عرفات بعد انهيار مفاوضات كامب ديفيد، اثر رفضه الضغوط الامريكية للقبول بتسوية عرضها الرئيس بيل كلينتون، مع فارق اساسي وهو ان الرئيس عرفات بادر فور عودته باللجوء الى خيار المقاومة من خلال تأسيس كتائب شهداء الاقصى، وتعزيز الروابط مع حركتي 'حماس' و'الجهاد الاسلامي'، وارسال المبعوثين الى لبنان وايران واوروبا بحثا عن اسلحة.
الرئيس ياسر عرفات دفع ثمنا غاليا مقابل هذا الخيار، حصارا وعزلا في مقره في رام الله، انتهى اخيرا باستشهاده مسموما، وكان رحمه الله، يتوقع هذه النهاية المشرّفة وينتظرها، وكان له ما اراد.
' ' '
لا نعرف الى متى سيصمد الرئيس عباس على موقفه الحالي في رفض العودة الى المفاوضات دون تلبية شروطه في تجميد الاستيطان، فالضغوط العربية عليه في هذا الشأن اكبر بكثير من الضغوط الامريكية والاوروبية، ولكن ما نعرفه، ويعرفه هو نفسه، ان احتمال انهائه وعزله ربما يكون وارداً في أذهان الادارة الامريكية وحلفائها الاوروبيين، ولا نستغرب ان يكونوا قد بدأوا فعلاً في البحث عن البدائل، هذا اذا لم يكونوا قد هيأوها فعلاً، منذ ان قرر عدم ترشيح نفسه في اي انتخابات رئاسية مقبلة، وردت عليه السيدة هيلاري كلينتون بانها 'غير آسفة' على رحيله، وستتعامل معه في اي موقع يتولاه.
المشهد الفلسطيني 'بائس' بكل المقاييس، فالرئيس انتهت مدة رئاسته للسلطة، ولا يعتزم الترشيح لانتخابات قادمة، ولا احد يعرف متى ستعقد هذه الانتخابات اصلاً، والمجلس التشريعي المنتخب فاقد الصلاحية ايضاً بانتهاء مدته التشريعية، ولا انتخابات تلوح في الافق لاستبداله، والشيء نفسه ينطبق على جميع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، مثل المجلسين الوطني والمركزي، واللجنة التنفيذية.
اسرائيل تعيش مأزقاً كبيراً بدورها، فقد باتت مكروهة، مدانة عالمياً، بعد ارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة، واستمرارها في فرض الحصار بعد العدوان زاد من هذه الكراهية، وجاء تدهور علاقاتها مع تركيا، وانتهاء مفاوضاتها غير المباشرة مع سورية ليزيدا من عزلتها الاقليمية، اضافة الى عزلتها الدولية.
نتنياهو كان متعطشاً لاستئناف المفاوضات وفق شروطه الخاصة، ليس من اجل التوصل الى تسوية وانما لكسب الوقت واصلاح هذه الصورة، وتخفيف حدة الكراهية، واطالة عمر حكومته، وتوفير غطاء للاستمرار في عملية الاستيطان، وابتلاع ما تبقى من القدس الشرقية. طموحاته هذه تبخرت في الوقت الراهن على الاقل، ولا بد انه يبحث بدوره عن مخرج من مأزقه هذا.
' ' '
التجارب السابقة علمتنا ايضاً ان اللجوء الى الحروب هو خيار اسرائيلي دائم للخروج من الأزمات، ومحاولة تغيير المعادلات على الارض. هكذا فعل مناحيم بيغن اثناء تصاعد المقاومة في لبنان باجتياحه صيف عام 1982، وهكذا فعل ايهود اولمرت بالعدوان على قطاع غزة في محاولة لامتصاص هزيمته المهينة في جنوب لبنان، وهذا ما يمكن ان يفعله نتنياهو في الاسابيع او الاشهر المقبلة سواء بالعدوان على جنوب لبنان او قطاع غزة او الاثنين معاً، انه الآن يبحث عن الذرائع، وربما تقدم حكومته على صنعها.
ما قد يشجع نتنياهو على العدوان على قطاع غزة او جنوب لبنان، ان هناك دعماً عربياً واضحاً لمثل هذه الخطوة، خاصة اذا جرى ارسال الدبابات الاسرائيلية الى القطاع. فلم نسمع دولة عربية واحدة، باستثناء سورية، تطالب برفع الحصار عن قطاع غزة، وبناء سور فولاذي على حدود القطاع لخنق مليون ونصف مليون فلسطيني قد يكون ضوءاً اخضر من الحكومة المصرية لانهاء حكم 'حماس' نهائياً، فلم يسبق ان هاجم الرئيس مبارك حركة 'حماس' بهذه القسوة، مثلما حدث في خطابه الاخير الذي القاه في عيد الشرطة. بل ان بعض المسؤولين المصريين هددوا بغزو القطاع وتدميره عقاباً على مقتل الجندي المصري على الحدود قبل ثلاثة اسابيع.
وما يجعلنا نميل الى وجود خطة عربية اسرائيلية امريكية لانهاء الوضع الحالي في القطاع (سيطرة حماس) بالوسائل العسكرية هو فشل سياسة التجويع والحصار في تثوير ابنائه وانقلابهم على سلطة حماس اولاً، وعدم اعادة اعمار ستين الف مسكن دمرها العدوان، حتى هذه اللحظة. فقد تكون عملية تأخير اعادة الاعمار ناجمة عن 'تفاهم' بابقاء الاوضاع على ما هي عليه انتظاراً للحسم العسكري الاسرائيلي.
العدوان على القطاع لن يكون سهلاً، وربما يؤدي الى تضخيم المأزق الاسرائيلي وتأزيمه، فالعدوان الاول مطلع العام الماضي لم يؤد الى انهاء 'سلطة حماس' وحدوث انقلاب ضدها، واقتلاع 'ثقافة المقاومة'، بل جاءت النتائج عكسية تماماً.
شعب القطاع سيقاوم العدوان مثلما قاومه في المرة الاولى، وسيواصل المقاومة اذا ما قررت القوات الاسرائيلية البقاء في القطاع لفترة اطول. فلا بد ان هناك دروساً جرى استيعابها من جراء تجربة العدوان الاول ربما نراها اذا 'ركب نتنياهو رأسه' وقرر تنفيذ تهديداته.
المصالحة الفلسطينية باتت اقرب من اي وقت مضى، خاصة اذا استمر عباس في التمسك بموقفه، وقررت حركة 'فتح' اشعال فتيل الانتفاضة السلمية في الضفة، ونفض يدها كلياً من المفاوضات العبثية والعودة الى مربعها الاول الذي جعلها الحركة الرائدة.
العد التنازلي لمثل هذه المصالحة قد بدأ في رأينا، او يجب ان يبدأ، فقد تكون هذه المصالحة، اذا ما جاءت على ارضية المقاومة، سلمية كانت ام عسكرية، هي المخرج الانسب والأكثر فاعلية.                                                                                           
                                                                                              ليبرمان وتغيير النظام السوري

عبد الباري عطوان
تعيش المنطقة العربية هذه الايام حالة من القلق والتوتر تتشابه، ان لم يكن تتطابق، مع مثيلتها قبل العدوان على العراق واحتلاله، الامر الذي يدفع الكثير من المحللين الى الاعتقاد بان الانفجار العسكري بات حتميا، ومصدر الخلاف هو حول توقيته.
مناورات بحرية وجوية امريكية، تسريع عمليات بيع صفقات اسلحة الى دول منطقة الخليج، نصب صواريخ باتريوت في اربع دول منها، وتوزيع اسرائيل اقنعة الغاز على سكانها للمرة الثانية منذ حرب الخليج.
في ظل هذه الاجواء من التوتر والتحشيد العسكري، من المفترض ان ترتفع اسعار النفط، ولكنها في حال انخفاض (تتراوح بين سبعين وثمانين دولارا)، او بالاحرى في حال ثبات، الامر الذي يؤكد وجهة نظر الكثيرين حول قرب اشتعال نيران الحرب، فهناك معادلة باتت معروفة، وهي انخفاض اسعار النفط مع اقتراب الحروب واثناءها، وارتفاعها بعدها، هذا ما حدث اثناء حرب 'تحرير الكويت'، وهذا ما حدث اثناء غزو العراق.
ولعل المؤشر الاهم في رأينا التهديدات الاسرائيلية الخطيرة والوقحة لسورية التي وردت على لسان افيغدور ليبرمان وزير الخارجية، وايّدها رئيسه بنيامين نتنياهو، واحدثت هزة عنيفة في المنطقة العربية بأسرها.
نقول خطيرة لانها غير مسبوقة، وتكشف عن تجاوز خطوط حمراء كثيرة، ابرزها التهديد بتغيير النظام في دمشق وللمرة الاولى، فقد قال ليبرمان مخاطبا الرئيس بشار الاسد 'انتم ستخسرون الحكم وانت شخصيا ستفقد منصبك كرئيس للجمهورية، انت وابناء عائلتك ستخسرون اذا ما تحديت اسرائيل، فمن يتحدى اسرائيل سيكون هو الخاسر، والحرب ستنتهي بهزيمته'.
ووقحة، لان ليبرمان يريد من سورية ان تتنازل كليا عن هضبة الجولان، وحلم سورية الكبرى، والتطبيع الكامل، والمجاني، مع اسرائيل، وكأن سورية جمهورية موز، او جزيرة معزولة في المحيط الهادي، او الاطلنطي، مثل غرينادا او هاييتي او غوام.
ليبرمان لا ينطق عن هوى، فهو احد ابرز اعضاء المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر، برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتخذ قرارات الحرب والسلم، ويعكس التوجهات العسكرية قبل السياسية في المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة.
' ' '
اسرائيل تعيش ازمة وجودية، وعزلة دولية، تواجه كراهية متصاعدة في اوساط معظم حلفائها منذ عدوانها الاخير على قطاع غزة، وادانتها بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية من قبل تقرير غولدستون، حيث يواجه جنرالاتها خطر الاعتقال في اكثر من عاصمة اوروبية.
ويزيد من درجة التأزيم الاسرائيلية هذه، الهزائم الامريكية المتواصلة في العراق وافغانستان، وتصاعد القلق الامني الامريكي من جراء فشل الحرب على الارهاب، وتمدد تنظيم 'القاعدة' واتساع نطاق عملياته.
ويأتي فشل الضغوط والحرب النفسية الامريكية والاسرائيلية في دفع ايران لوقف تخصيب اليورانيوم والتخلي عن طموحاتها النووية، ورد طهران الاستفزازي على هذه الضغوط بتجريب صواريخ بعيدة المدى، واخرى قادرة على حمل اقمار صناعية ورؤوس نووية، كل هذه العوامل مجتمعة تخلق حالة من الارتباك والرعب الوجودي الذي لا تستطيع اسرائيل العيش في ظلها لفترة طويلة.
لا نستطيع ان نتنبأ بالخطوة الاسرائيلية القادمة، ولكن تجاربنا السابقة على مدى ستين عاما من قيام هذه الدولة على ارض عربية اسلامية، تفيد بأنه في كل مرة تواجه اسرائيل تهديدا لوجودها او تفوقها العسكري الاستراتيجي، تلجأ اما الى الحرب، مثلما حدث عام 1967 (حرب حزيران) او الاجتياح (غزو لبنان عام 1982 وعام 2006) او تحريض الولايات المتحدة على خوض الحرب نيابة عنها (احتلال العراق عام 2003).
اسرائيل تواجه خطر 'حزب الله' في الشمال، و'حماس' في الجنوب، والخطر النووي والتقليدي الايراني، وتنامي القوة العسكرية السورية، بينما تواجه حليفتها امريكا خطر الزحف الصيني الى منابع النفط، والتمدد الروسي الجديد الى المنطقة عبر البوابة الايرانية.
توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الاسبق كشف عن نقطتين جوهريتين اثناء ادلائه بشهادته امام لجنة التحقيق في حرب العراق، الأولى عندما قال انه كان متعذراً على الحلفاء شن حرب على العراق في ظل الانتفاضة الفلسطينية المسلحة عام 2002، ولهذا عمل على دفع الرئيس بوش للتعهد بدولة فلسطينية مستقلة قبل عام 2005 واطلاق 'خريطة الطريق' وعودة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية على اساسها، اما النقطة الثانية فتمثلت في قوله ان ايران عام 2010 اكثر خطراً من عراق صدام عام 2003، ولو كان في الحكم لتعامل معها بالطريقة نفسها، وربما اكثر تشدداً من الطريقة التي تعامل بها مع العراق.
' ' '
التحقيقات والشهادات امام لجنة التحقيق المذكورة آنفاً، كشفت ان الإعداد للحروب يتم قبل سنوات من خوضها، ولذلك لا نستبعد ان تكون المناورات وصفقات الاسلحة والتهديدات هي عناوين لبدء العد التنازلي لحرب جديدة في المنطقة. فهل من قبيل الصدفة ان يتعهد اوباما باكمال انسحاب قوات بلاده من العراق وافغانستان بنهاية العام المقبل؟ فكيف يمكن اتمام هذا الانسحاب في ظل اوضاع متدهورة في افغانستان وغير مستقرة في العراق، اللهم الا اذا كانت هناك حرب كبرى لاصلاح عيوب الحربين السابقتين في هذين البلدين؟
سورية مستهدفة لانها حليفة للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، وترتبط بحلف استراتيجي مع ايران، ومحاولات فك ارتباطها مع هذا الحلف، بالرشاوى او التهديدات، لم تنجح حتى الآن على الأقل، وربما تكون تصريحات ليبرمان الورقة الأخيرة في هذا الصدد.
وزير الخارجية السوري وليد المعلم معروف بقدراته الدبلوماسية، وبإطفاء نيران تطرف يشعلها آخرون من زملائه لتوتير العلاقات مع الجيران، ولكنه ليس معروفاً بـ'صقوريته'، ولذلك كان مفاجئاً ان يشبه اسرائيل بدور 'الأزعر' في المنطقة، وتحذيرها من مغبة شن اي هجوم على بلاده، لما يعنيه ذلك من اشعال فتيل حرب شاملة ستكون المدن الاسرائيلية فيها مستهدفة بالصواريخ السورية.
وربما يجادل البعض بأن هذه الحرب الكلامية، والتهديدات المتبادلة، تمهد لمفاوضات سلام، على الجبهة السورية الاسرائيلية، لكن الامر المرجح ان احتمالات الحرب اكبر بكثير من احتمالات السلام، لان اسرائيل لن تتنازل عن الجولان بسهولة، ولأن سورية لا تستطيع تلبية الشروط الاسرائيلية في الوقت نفسه، وفوق كل هذا وذاك صعوبة انهاء تحالف مع ايران يمتد الى اكثر من ثلاثين عاماً حتى لو أرادت.
العام الجديد هو عام حسم الملفات الثلاثة الصعبة: حماس وحزب الله والطموحات الــنووية الايرانــية. وكــــل المؤشرات تفـــيــــد بأن ادارة اوباما مقــبلة على 'حماقة' جديدة، تتمــــثل في حرب جــــديدة، النـــتائج غير مضـــمونة، والانتصار الاسرائيلي ايضاً، فالمسألة لم تعد كسب الحروب، وانما كيفية التعاطي مع تداعياتها، ولعلها تكون آخر الحروب في المنطقة في جميع الاحوال، من حيث وضع حد للغطرستين الامريكية والاسرائيلية والهوان العربي ايضاً.                                                                        
                                                                                                 نهج القرضاوي هو المستهدف

عبد الباري عطوان
يتعرض الدكتور يوسف القرضاوي الى حملة اعلامية شرسة هذه الايام من قبل اطراف عديدة في الوطن العربي، محسوبة بالدرجة الاولى على ما يسمى بمحور 'الاعتدال'، لانه ادان السور الفولاذي الذي تبنيه السلطات المصرية، تنفيذا لاتفاق مصري ـ اسرائيلي، لخنق المحاصرين المجوّعين في قطاع غزة.
الاتهام الابرز الموجه الى الدكتور القرضاوي رئيس المجلس العالمي للعلماء المسلمين، اقدامه على تسييس الدين، وادلاؤه بدلوه في القضايا المطروحة، والفلسطينية على وجه الخصوص، اي ان هؤلاء يريدونه واحدا من اثنين:
الاول: ان يلتزم مسجده، ولا يشاهد مجازر الاسرائيليين في قطاع غزة، والخراب الذي حل بالعراق على ايدي الاحتلال الامريكي، ويدير ظهره كليا للفتن الطائفية التي تعصف بالعالمين العربي والاسلامي، ويقصر فتاواه على قضايا النكاح، وزواج المسيار، وآداب الوضوء ومفسداته،وهكذا.
الثاني: ان يتدخل في السياسة، ولكن على طريقة شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي، ومجمع البحوث الاسلامية الذي يرأسه، اي ان 'يبصم' على جميع قرارات الحكومة، وان يصافح شمعون بيريس الرئيس الاسرائيلي، ويشرّع حصار قطاع غزة.
الشيخ القرضاوي، ومجموعة كبيرة من امثاله، بعضهم معزول ومطارد، والبعض الآخر خلف القضبان، يرفضون ايا من الخيارين، وينحازون الى ضميرهم الوطني وعقيدتهم السمحاء، وتعاليم دينهم، ويتصدون لمهمة محاولة انقاذ الأمة من حال الوهن والهوان والمذلة التي وصلت اليها بفضل حكام فاسدين فشلوا في كل شيء، وسخّروا انفسهم في خدمة مشاريع الهيمنة الامريكية.
نسأل لو ان الشيخ القرضاوي والقلة القابضة على الجمر من العلماء الأفاضل من امثاله، قد ايدوا الجدار الفولاذي، واصدروا فتاوى تؤيد الاستعانة بالقوات الاجنبية لتدمير العراق ومن ثم احتلاله، ودعموا مبادرة سلام عربية تعترف باسرائيل وتعطيها اربعة اخماس فلسطين، واسقطوا جميع الخيارات الاخرى، هل كان هؤلاء سيواجهون هذه الحملات الاعلامية الهابطة في مضامينها والفاظها؟
الاسلام كان، ولا يزال، اكبر انتفاضة على مدى التاريخ ضد الظلم الاجتماعي، والتمييز الطبقي العنصري، والعبودية في ابشع صورها واشكالها، وانحاز دائما للحق والعدالة والمساواة، ونشر رسالة العقيدة والاصـــلاح ومواجهة اشكال الاستبداد والطغيان كافة.
' ' '
وعاظ السلاطين، الذين يتعيشون من هبات الزعماء ورواتب وزارات الاوقاف، يريدون إسلاما مختلفا، يبرر الظلم، ويشرّع القمع، ويدعو للخنوع، تحت مسميات عزل الدين عن السياسة واطاعة ولي الامر، حتى لو كان فاسدا مقصّرا في واجباته الدينية والوطنية.
نحن مع فصل الدين عن السياسة، اذا كان هناك ساسة يقودون الامة على طريق التقدم والازدهار وتحقيق الرخاء والعدالة، وحفظ كرامة الامة وعزتها، واستعادة حقوقها المغتصبة، ولكن عندما يعزّ وجود هؤلاء في منطقتنا الاسلامية، ونحن نستثني هنا اردوغان ورفاقه في تركيا، ومهاتير محمد في ماليزيا، فإن من واجب رجال الدين ان يملأوا الفراغ، وينزلوا الى الساحة لانقاذ الأمة من محنتها.
هكذا فعل الأزهر عندما تغوّل الاحتلال البريطاني، وفسدت القيادة في مصر، وهكذا فعل المجاهد محمد الخامس في المغرب، وعبد الكريم الخطابي في الجزائر، وعمر المختار في ليبيا، والحاج امين الحسيني في فلسطين. فهل هؤلاء اخطأوا عندما خاضوا غمار السياسة ورفعوا راية الجهاد ضد الظلم والطغيان؟ ونحن هنا لا نريد العودة الى تجارب الاسلام السياسي في زمن الايوبيين والمماليك، والفاطميين والعثمانيين، وانتصاراتهم المشرفة التي غيرت مجرى التاريخ.
حتى السلطة الفلسطينية المنبثقة من رحم الاحتلال التي اصبح لها أئمة مساجد، دخلوا غمار الحملة على هذا العالم الجليل، وسخّروا المنابر للتطاول عليه بطريقة مخجلة، بل وطالبوا بالتراجع عن تصريحات لم يفهموا مضمونها، في غمرة نفاقهم لرئيسهم، فانطبق عليهم مثل 'الدب الذي قتل صاحبه'.
الدكتور القرضاوي قال 'اذا' كان الرئيس محمود عباس تواطأ مع العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، واقدم على تأجيل تقديم تقرير غولدستون للمناقشة امام المجلس الحقوقي الدولي، فانه يستحق الرجم، ولكن هؤلاء الاقل خبرة ومكانة انبروا في حملة ظالمة ضد الدكتور العلامة، مؤكدين بذلك الشبهات التي حامت حول الرئيس بدلا من ان يفندوها او يتجاهلوها تماما، لان من المفترض ان رئيسهم لم يؤيد العدوان ولم يؤجل التقرير، حسب ما يقول في تصريحاته العلنية.
' ' '
هذه الحملات، المرشحة للاستمرار والتصعيد فيما هو قادم من ايام، بفعل اكتمال بناء الجدار وعملية الخنق المرجوة من ورائه، وبدء الاستعدادات لغزو لبنان والعدوان على غزة مجددا، هذه الحملات لا تستهدف شخص الشيخ القرضاوي فقط، وانما النهج المقاوم الذي يؤمن به ويعمل على ترسيخه، من خلال برامجه الدينية والدعوية، وتروّج له كتبه (ستون كتابا).
ومن المفارقة انه يواجه حملات تحريض مماثلة من قبل اسرائيل وانصارها في الغرب، ادت الى منعه من دخول عديدة على رأسها بريطانيا والولايات المتحدة، بحجة دعمه للارهاب ومساندته للعمليات الاستشهادية.
فالاسلام الذي يتبنى 'ثقافة المقاومة' يصنّف على انه الاسلام المتطرف، او الاسلام الارهابي، الذي يجب تجريمه ومقاومته، فهل هناك دولة عربية او اسلامية واحدة تعلن مساندتها لمقاومة طالبان للاحتلال الامريكي، وهي مقاومة مشروعة لاحتلال غير مشروع؟ وهل هناك حكومة عربية تدعم المقاومة علانية في العراق او فلسطين؟
ألم تدعم انظمة عربية الاسلام المقاوم للاحتلال السوفييتي لافغانستان لاكثر من ثماني سنوات، عززته بإنفاق اكثر من عشرين مليار دولار، فهل الاحتلال الامريكي 'حلال' والسوفييتي 'حرام'؟
كفّروا العروبة وتياراتها عندما كانت عروبة مقاومة للهيمنة الامريكية، والآن يعودون اليها لاستخدامها في ضرب 'الاسلام السياسي' المقاوم، مثلما استخدموا الاخير ضدها اي 'الاسلام' في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ولمصلحة المشاريع الامريكية ايضا.
' ' '
نحن الآن امام معجزة انقلاب السحر على الساحر، بعد ان اتضحت اللعبة وانفضح اللاعبون، وبات كبيرهم الذي علمهم السحر (امريكا) يواجه الهزائم في العراق وافغانستان، وقريبا في اليمن بعد الصومال، وفلسطين على الطريق. فالشعوب نضجت وتعلمت، والقيادات الاسلامية والعربية باتت في الخندق نفسه، وتتعاون من اجل الهدف نفسه.
وبسبب ثورة الوعي هذه، وتصاعد حالة الغليان في الشارعين العربي والاسلامي، يعكفون حاليا على اصدار قوانين من اجل 'احتلال'الاعلام العربي، من خلال تجريم كل محطة تلفزيونية تؤيد المقاومة، تحت ذريعة التحريض على قتل الامريكيين.
نحن امام 'ارهاب' اعلامي جديد، فإصدار قنوات امريكية وبريطانية والمانية وفرنسية وحتى صينية باللغة العربية لم يعد كافيا، لا بد من تشريعات جديدة تكتم انفاس كل صوت يعارض الاحتلال ويطالب بمقاومته، ونفس الدكتور القرضاوي وصوته على رأس قائمة المطلوب كتمهم.
سيطروا على منابر المساجد من خلال طرد الائمة الملتزمين بالعقيدة وقيمها وتعاليمها، واستبدلوهم بوعاظ السلاطين، والآن يريدون السيطرة على المنابر الاعلامية، واغلاق تلك التي تشق عصا الطاعة على امريكا وحلفائها في المنطقة.
نعتذر للدكتور القرضاوي عما اقدم عليه بعض السفهاء منا، الذين ضلّوا الطريق، واعماهم النفاق عن رؤية الحقيقة، والانتصار لعلامة كبير كان دائما رأس حربة في الدفاع عن قضيتهم العادلة، وعانى من اجل ذلك، ولا يزال، الكثير.                                              
                                                                                              السيد اردوغان.. شكرا

عبد الباري عطوان
يواصل السيد رجب طيب اردوغان اتخاذ مواقف اخلاقية مشرفة تتصدى للاستكبار الاسرائيلي بقوة، وتفضح جرائم الحرب المستمرة في قطاع غزة، فلم يتردد قبل يومين وأثناء استقباله لنظيره اللبناني سعد الحريري في انقرة في شن حملة شرسة ضد الحكومة الاسرائيلية واختراقها اكثر من مئة قرار دولي، واستخدامها المفرط للقوة ضد شعب اعزل محاصر في قطاع غزة.
اردوغان ينتصر للضعفاء المجوّعين في وجه آلة الدمار الاسرائيلية، بينما يعمل زعماء دول الاعتدال على تشديد الحصار عليهم لاجبارهم على الركوع عند اقدام الاسرائيليين والامريكان، طلباً للمغفرة على جريمة الصمود التي ارتكبوها في حق نتنياهو وليبرمان، وتمسكهم بثقافة المقاومة.
الاعلام العربي الذي تهيمن عليه دول الاعتدال، مصر والمملكة العربية السعودية بالذات، لا يجرؤ على وصف اسرائيل بـ'العدو' ويتجنب في معظمه وصف القتلى الفلسطينيين بالشهداء، ويشجع قنوات الابتذال على تجهيل الاجيال الحالية والقادمة، بينما تنتج تركيا وشرفاؤها مسلسلات مثل 'وادي الذئاب' (اتحدى ان تبثه اي دولة عربية) يتحدث عن ذبح الاطفال الفلسطينيين على ايدي الجنود الاسرائيليين اثناء العدوان على قطاع غزة.
الأغاني الوطنية التي كانت تزدحم بها ارشيفات الاذاعة والتلفزيون المصريين اكلها الغبار ولم تخرج من الادراج الا اثناء معركة الخرطوم بين فريقي مصر والجزائر الكرويين لتصفيات كأس العالم.
الحكومة الاسرائيلية استشاطت غضباً من السيد اردوغان ومواقفه ومسلسلاته هذه، واستدعت السفير التركي في تل ابيب احتجاجا، حيث عامله داني ايالون نائب وزير الخارجية بعجرفة غير مسبوقة.
لا نخشى على اردوغان من اسرائيل، وانما من حلفائها العرب، الذين يحرسون حدودها، وينفذون إملاءاتها، وينسقون امنيا معها ضد المقاومة، بل وضد تركيا وايران واي دولة تنتصر لأبناء الشعب الفلسطيني.
اردوغان اختار ان يتصدى لاسرائيل بشجاعة، وان يرفض مشاركتها في مناورات جوية فوق اراضي بلاده قرب الحدود الايرانية، مثلما اختار ايضا ان يدير ظهره كليا للولايات المتحدة، تمهيدا للانسحاب من حلف الناتو.
' ' '
رئيس الوزراء التركي زعيم حزب العدالة والتنمية الاسلامي لم يقدم على هذا التحول اعتباطيا، او نتيجة لحظة مزاجية، وانما بناء على تخطيط مسبق، وبعد ان امتلك اسباب القوة، ويمكن ايجاز هذه الاسباب في النقاط التالية:
اولا: اردوغان فكك الاتاتوركية قطعة قطعة، واعاد تركيا الى محيطها المشرقي الاسلامي، وانهى ممارساتها السابقة المتعالية ضد الاسلام والمسلمين، وسياسات التذلل للغرب، وساعده على ذلك عنصرية الاوروبيين وعداء معظمهم للاسلام، من حيث رفض انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، وهي التي قدمت لاوروبا الغربية خدمات جليلة كعضو في حلف الناتو في مواجهة الامبراطورية السوفييتية اثناء الحرب الباردة.
ثانيا: عكف اردوغان وحزبه طوال السنوات العشر الماضية على ادخال اصلاحات داخلية، اقتصادية وسياسية واجتماعية هائلة، تحت غطاء الاستجابة لشروط الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، وقد ادت هذه الاصلاحات الديمقراطية الى تقليص دور المؤسسة العسكرية الحامية لتراث الاتاتوركية لصالح المؤسسات المدنية التركية.
ثالثا: فتح اسواقا جديدة في الشرق الاوسط وشمالي افريقيا للبضائع التركية. فقد اقام مناطق حرة مع سورية، والغى التأشيرات مع معظم الدول العربية، ونفذت الشركات التركية مشاريع بنى تحتية ومطارات في كل من مصر وتونس وليبيا وقطر والامارات، وتم توقيع معاهدات واتفاقيات تفضيلية تجارية مع معظم العرب، بحيث بلغ حجم التجارة التركية مع هذه الدول 32 مليار دولار يمكن ان تتضاعف في غضون خمس سنوات.
رابعا: عيّن اردوغان البروفسور داوود اوغلو وزيرا للخارجية، وهو من اكبر دهاة تركيا، ويوصف بانه 'عثماني متطرف'، واصبح اوغلو مهندس الانفتاح على المشرق، بزياراته المتواصلة لايران والعراق وكردستان العراق، ونجح في حل جميع النزاعات تقريبا بين تركيا وهذه الدول.
خامسا: انفتاح اردوغان على الاكراد سواء داخل تركيا او خارجها، جاء في توقيت ذكي جدا، فقد سحب من ايدي الامريكان ورقة قوية استخدموها دائما ضد تركيا والعراق، وذلك عندما اعترف باللغة والثقافة الكرديتين، وزاد من الاستثمارات في المناطق الكردية. في المقابل وجد الاكراد ان الحليف الامريكي لا يمكن الاعتماد عليه في ظل انحسار نفوذه، وهزائمه شبه المؤكدة في افغانستان والعراق، وبروز قوى عظمى جديدة مثل الهند والصين والبرازيل وروسيا الاتحادية.
سادسا: وجه اردوغان ضربة قاصمة الى اسرائيل باقدامه على المصالحة مع ارمينيا، فلطالما استخدمت اسرائيل هذا الخلاف لابتزاز تركيا من خلال الادعاء بتوظيف اللوبي اليهودي في امريكا لتحييد العداء للاتراك، ومواجهة اللوبي الارمني القوي المحرض ضدهم.
سابعا: ادراك اردوغان وحزبه للتغييرات الكبرى داخل المجتمع التركي، من حيث تزايد العداء لامريكا واسرائيل، وزيادة المد الاسلامي، وظهر ذلك بوضوح اثناء العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة.
ثامنا: بناء اقتصاد تركي قوي يرتكز على خطط تنمية مدروسة في مجالات انتاجية صلبة مثل الاستثمار في مجالات الزراعة والصناعة، وتصدير الخبرات التركية الى دول الجوار. وهذه السياسة الذكية جعلت تركيا تحتل المرتبة 17 على قائمة الاقتصاديات الكبرى في العالم، والعضو في تكتل الدول الاقتصادية العشرين، وهذا كله رغم عدم وجود نفط لديها او غاز، وانما عقول خلاقة.
تاسعا: ادرك اردوغان ان هناك فراغا استراتيجيا في الشرق الاوسط، فالعراق انهار، ومصر ضعيفة بسبب قيادتها المتكلسة الذليلة، والنفوذ الامريكي ينحسر اقليميا وعالميا بسبب خسائر حرب العراق. فالنظام العربي الآن مثل تركيا المريضة قبيل الحرب العالمية الاولى، ولذلك هرعت تركيا لملء هذا الفراغ قبل ان تملأه اسرائيل او ايران.
عاشرا: موقف تركيا اردوغان من البرنامج النووي الايراني مشرف، فقد ايد حق ايران في امتلاك هذه البرامج، وقال صراحة، وفوق رؤوس الاشهاد 'من لا يريد البرامج النووية الايرانية عليه ان يتخلى عن برامجه المماثلة اولا'. وقال هذه التصريحات في وقت يتواطأ فيه زعماء عرب مع اسرائيل سرا ضد ايران.
' ' '
نغبط الشعب التركي لان لديه قيادة ذكية وطنية اسلامية واعية مثل السيد اردوغان والمجموعة المحيطة به التي اعادت تركيا الى الواجهة مجددا، واعادت اليها هويتها الاسلامية على اسس العدالة والديمقراطية والمساواة والانتصار للضعفاء.
هذه القيادة النموذج غير موجودة في بلداننا العربية، ولا يلوح في الافق انها ستوجد في المستقبل القريب، حيث تعم الديكتاتوريات وافرازاتها النتنة من فساد وقمع ومصادرة الحريات، ونهب المال العام، والغرق في الملذات والامور الهامشية والثانوية.
اننا نناشد السيد اردوغان وزملاءه ان يصدّروا الينا هذه التجربة، وليس فقط منتوجاتهم الصناعية، وشركات المقاولات، لان المساعدة في بناء الانسان العربي الجديد وفق الاسس والاصول الاسلامية المعتدلة، اهم من المساعدة في بناء المطارات والطرق والموانئ، او فلتسر العمليتان جنبا الى جنب.                                                                                                                   
                                                                                      شرفاء مصر هم الغالبية

عبد الباري عطوان

نتابع بألم شديد الحملات الاعلامية المكثفة ضد الشعب الفلسطيني في الصحف المصرية الرسمية، حيث يُقدَّم هذا الشعب، بكل فئاته والوان طيفه السياسي والعقائدي، على انه الخطر الزاحف الذي يهدد مصر وسيادتها واستقلالها ورخاء شعبها.
حرصنا دائما في هذه الصحيفة، وفي كل اللقاءات التلفزيونية ان نخصص ولا نعمم، ان نفرّق بين شعب مصري اصيل مؤمن بعقيدته وقوميته وانتمائه العربي الاسلامي، وبين نظام بات رهينة لاسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، يرضخ صاغرا لاملاءاتها، وينفذ اوامرهما دون تردد حتى لو جاء ذلك على حساب الامن القومي والمصالح المصرية.
الاعلام الرسمي الذي ينفذ اوامر رئاسة الجمهورية في اطلاق حملات الردح، وضع الشعب الفلسطيني كله في سلة واحدة، واتهمه كله بالخيانة وبيع الارض، ولم يفرّق بين سلطة فلسطينية حليفة وموالية لدرجة الابتذال للسياسات المصرية، ومؤيدة بشكل مقزز لبناء جدار الجوع على حدود رفح، لتجويع مليون ونصف مليون من ابناء جلدتها، وبين حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' التي يعتبرها النظام المصري معادية لانها ما زالت ترفع راية المقاومة، وتتمسك بالحد الادنى من الثوابت الوطنية.
النظام المصري المأزوم بسبب مسلسلي الفشل الداخلي والخارجي، يبحث عن كبش فداء لتحويل انظار الشعب المصري الطيب عن فساده واخفاقاته وتقزيمه لدور مصر العظيمة. فعندما فشلت محاولته الاولى بتكريه الشعب المصري بأشقائه الجزائريين، ها هو يذهب الى الحلقة العربية الأضعف، اي ابناء قطاع غزة، لتحويلهم هدفا لسمومه وكراهيته، وتجييش الاعلام المصري الرسمي ضدهم.
كنا نتمنى لو ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإعلامه قد توليا فضح اهداف هذه الحملة الاعلامية الموجهة، خاصة انه يملك صحفا ومحطات تلفزة، وبعد ان طالت البذاءات جميع افراد الشعب الفلسطيني دون تفرقة ووصمتهم بالخيانة وبيع الارض، ولكنه لم يفعل، ولم يعاتب، مجرد العتب، صديقه الرئيس حسني مبارك، ويطالبه بالتالي بوضع حد لهذه المهزلة.
ابناء قطاع غزة، ومن خلفهم الشعب الفلسطيني كله، الذين يواجهون الظلم والحصار والتجويع والجدار الفولاذي باتوا في موقع دفاع عن النفس في مواجهة هذا الافتراء الاعلامي الرسمي الجبار، الذي يستثير الحمية المصرية، ويطالب ابناء مصر الشرفاء بالثأر لمقتل الجندي المصري على ايدي التتار الفلسطيني.
' ' '
ستة اشقاء اقباط تعرضوا للذبح في صعيد مصر، في جريمة تؤكد انهيار النظام المصري وفشله الامني، بعد فشله الاقتصادي والسياسي، لم تشكل مأساتهم اي قلق للنظام، ولا آلته الاعلامية الرسمية، رغم ما تنطوي عليه من فتنة يمكن ان تحول البلاد الى دولة فاشلة، وساحة تدخل للقوى العظمى التي تحول النظام الى اداة لخدمة مصالحها.
نذهب الى ما هو ابعد من ذلك واوضح، ونقول ان اسرائيل قتلت بدم بارد 16 جنديا مصريا خلال الاعوام الخمسة الماضية فقط، واصابت عشرة آخرين، ولم نقرأ مقالا واحدا في الصحف المصرية يتحدث عن انتهاك السيادة المصرية، ونملك قائمة بأسماء جميع هؤلاء الشهداء الابرار، بل لم نشاهد مسؤولا مصريا واحدا، عسكريا كان او مدنيا، من الحكومة او لجنة السياسات، يدين هذا العمل الاسرائيلي الوحشي في حق مصر وابنائها وجيشها العظيم ومؤسستها الامنية الوطنية.
لماذا لم يتحرك النظام واعلامه عندما استشهد صبحي النجار (21 عاماً) ومحمد عبد الفتاح (22 عاماً) وعامر ابو بكر عامر (22 سنة) من جنود الامن المركزي الذين سقطوا برصاص دبابة اسرائيلية صباح الخميس 18 ايلول (سبتمبر) عام 2004، ومكثت جثتهم الطاهرة في مستشفى الرئيس مبارك في العريش لمدة يومين؟ ولماذا لم نقرأ تأبينا في اي من صحف الكراهية الرسمية، عندما استشهد المجند احمد عيسى بطلق ناري قرب الحدود في سيناء، او الجندي ميلاد احمد حميدة، او الشرطي الغريب محمد احمد الذي سقط بعدة اعيرة نارية في قلبه، او المواطن المصري سليمان عايد موسى (32 عاماً) في 21 ايار (مايو) عام 2008 قرب معبر كفرسالم؟ والقائمة تطول.
لقد قام النظام بالتعتيم الكامل على انباء استشهاد هؤلاء وربما العشرات غيرهم، برصاص الجنود الاسرائيليين قبل ان يدفنهم خلسة وكأنهم مجرمون.
نحن مع سيادة مصر لان سيادة مصر الحقيقية هي سيادة للعرب جميعاً، وليست لاعدائهم، وندين مقتل الجندي احمد شعبان على حدود غزة ونحسبه عند الله شهيداً، الا اننا ضد السيادة الانتقائية التي من نوع (اسد على الفلسطينيين وامام الاسرائيليين والامريكيين والاوروبيين نعامة).
اين كانت سيادة مصر، من حقنا ان نسأل عندما قرر النظام اغلاق ملف استشهاد الاسرى المصريين في حربي 1956 و 1967 بنيران اسرائيلية 'صديقة'؟. ولماذا لم يرد السيد احمد ابو الغيط وزير الخارجية على نظرائه الايطالي والكندي والفرنسي، وبابا الفاتيكان الذين سمحوا لأنفسهم بمطالبة الحكومة المصرية بحماية مواطنيها المسيحيين؟
' ' '
العديد من الفلسطينيين قتلوا برصاص الجنود المصريين، ويرقد الآن مواطنان فلسطينيان في موت سريري في احد مستشفيات قطاع غزة في التبادل الاخير لاطلاق النار الذي قتل فيه الشرطي المصري الذي تحول الى قميص عثمان السيادة المصرية. ورغم ذلك لم يكفر الفلسطينيون بالعروبة، ولن ينقص حبهم لمصر وشعبها الشقيق ذرة واحدة.
حتى لو افترضنا ان هذا الشرطي استشهد برصاص فلسطيني، فهل يبرر هذا كل حملات الكراهية والتحريض ضد شعب شقيق محاصر مجوّع مسلوب السيادة والحقوق والحد الادنى من اسباب الحياة؟
نطالب فقط بلجنة تحقيق محايدة، من شرفاء مصر، وهم الاغلبية الساحقة، وسنقبل بكل نتائجها دون تردد.
يتضاعف حزننا وألمنا عندما نقرأ ان حزبي 'الوفد' و'التجمع' يؤيدان الموقف الرسمي في بناء الجدار الفولاذي، فلا يمكن ان نصدق ان حزب الوفد، الذي بنى اسمه وسمعته وماضيه الوطني المشرف على مقاومة الاستعمار الانكليزي لبلاده، ينحاز الى سياسات التجويع للابرياء رافعي شعار المقاومة والتحرير والشهادة من اجل تحرير اراضيهم، ولم نحلم في يوم من الايام، ان حزب التجمع اليساري الذي انحاز دائماً للفقراء والمعدومين والمظلومين في العالم بأسره يتحول الى محلل لسياسات نظام تشدد الحصار الخانق على هؤلاء ولمصلحة مشاريع الامبريالية العالمية.
عزاؤنا ان الشرفاء الوطنيين في مصر هم الاغلبية الساحقة، وعزاؤنا الاهم هو وجود صحافة مصرية لا يحركها القصر الجمهوري في معظمها بالريموت كونترول، وتأبى ان تنحدر بمصر واعلامها وصورتها وريادتها الى المستويات التي نراها حالياً في إعلام لجنة السياسات واقلامه الحاقدة.
هذا التخبط الذي نرى بعض فصوله حالياً في الاستكبار على الضعفاء المحاصرين المجوّعين، والاستصغار والدونية امام اعداء مصر وامتها وعقيدتها، هو تأكيد على ان النهاية باتت قريــــبة، بل اقرب كثيرا مما يتوقعه اكثر المتفائلين.