18/01/2010 |
منذ توقيعه اتفاقيته المشؤومة التي كانت وَبَالاً على الشعب المصري وعلى الأمة العربية جمعاء، ما فتئ النظام المصري يحاول بشتى الوسائل إبعاد مصر عن محيطها العربي وإلحاقها بالمعسكر الأمريكي - الأوروبي أي 'محيط إسرائيل'، مقدما في سبيل ذلك خدمات و تنازلات لا حصر لها، منها على الأخص: 1. قبول النظام بالسيادة الناقصة على سيناء وحرية ولوج وتنقل الإسرائيليين، مما وفر على إسرائيل عناء ومصاريف احتلال سيناء دون حرمان رعاياها من الاستجمام بمنتجعاتها تحت حماية جنود مصريين محدودي التسلح. 2. تحويله مصر من طرف رئيسي في النزاع العربي الإسرائيلي إلى مجرد وسيط 'ضاغط ومستعجِل جدا' بين الفلسطينيين. 3. تشديد النظام الحصار على فلسطينيي غزة بإغلاق معبر رفح أثناء العدوان وبعده، واستجابته لأمريكا في بناء جدار 'حديدي من فضلكم!' لتجويع الفلسطينيين كما جوَّعت أمريكا المصريين بعد 'النكسة' بمنع القمح عنهم. ولم يقف النظام المصري ولن يقف على الأرجح عند حد عزل مصر عن محيطها العربي، فهو يسعى اليوم إلى تجريدها تماما من هويتها العربية، وبدأت تظهر بالفعل بعض 'أعراض' التنكر للعروبة والانسلاخ منها، فقد تذكّر أعضاء 'الكتيبة القلمية للنظام' من كتاب وسياسيين وصحفيين مصريين فجأة أصولهم الفرعونية وطفقوا يذكِّرون القوم بها، مستغلين فقر وجهل شرائح كبيرة من الشعب وموهِمين إياهم أن تدهور أحوال المصريين البسطاء كان سببه 'إقحام' مصر في الصراع العربي الإسرائيلي، وكأن العرب أو الفلسطينيين خصوصا هم من هاجموا مصر مرارا واحتلوا أرضها وأحرقوا طيرانها وهو جاثم وأعدموا آلاف الجنود الأسرى! لقد نجح النظام في إقناع الشعب المصري بأن العرب والعروبة هما سبب تخلّفه وانحطاط قدر مصر بين الأمم، ومرت ثلاثة عقود منذ أن أدار ظهره للعرب ولم نسمع عن تغير أحوال الشعب المصري إلا إلى الأسوإ، ولا حاجة إلى ذكر التفاصيل فالمشهد مأساوي ويدمي القلب ويجعل من كره المصريين أمرا مستحيلا ما داموا مغلوبين على أمرهم ،فليطمئن من تساءلوا: 'لماذا يكرهوننا؟' فلا كراهية لمثير للشفقة. اليوم وقد صار صعبا إبقاء المصريين على قناعتهم تلك، بدأ النظام يبتدع أساليب مباشرة للتحريض ضد العرب والتنكر للعروبة ومنها على سبيل المثال: 1. شن حملات إعلامية ضد الخليجيين كلما استغنوا عن بعض من العمالة المصرية أو طبقوا قوانينهم المحلية على المخالفين من المصريين. 2. استغلال موقعة أم درمان الكروية ضد الجزائر بعد افتعال اعتداء ومواجهة القاهرة، لإذكاء العداء لكل مَنْ إلى العروبة ينتسب، وللنيل من السودانيين والحط من قدر الثورة الجزائرية المشرفة تبخيسا لمقاومة العرب وتضحيات شعوبهم. 3. حشر الفلسطينيين في الزاوية بالمشاركة في حصارهم والتحريض ضدهم باستغلال غضبهم المشروع على إغلاق معبر رفح، وحنقهم جرّاء بناء النظام المصري جدار المهانة، بدل بناء بيوت للمشردين بغزة أو على الأقل بمصر. عبد اللطيف البوزيدي-كاتب مغربي-القدس العربي اللندنية |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق