المصدر : القدس العربي
2009/12/12 |
ركزت القوى الاستعمارية غداة تقسيم الوطن العربي على جعله تقسيما ملغوما، بالإغفال المتعمد لمعايير وضع الحدود، بما فيها المعايير الطبيعية (جبال- وديان) والاجتماعية (وحدة القبائل والمذاهب). وبذلك ضمنت حدوث نزاعات بعد تمكين كل دولة على حدة من 'استقلال' هو أشبه بتوقيع صك استسلام والتزام بالتفرقة بين أقطار الأمة الواحدة، وقد شهدنا كيف كان لتلك القوى الاستعمارية ما أرادت، فناهيك عن جملة من النزاعات القانونية حول الحدود لدول الخليج العربي فيما بينها، وبينها وبين إيران، والنزاع المؤجل بين سورية ولبنان حول مزارع شبعا، شبت حرب الرمال بين المغرب والجزائر فور استقلال هذه الأخيرة وما زالت تبعاتها قائمة، وتلتها حرب اليمنين والحرب الأهلية اللبنانية واجتياح العراق للكويت وأخيرا، ولا أظنها آخرا،حرب آل سعود على الحوثيين أو حرب الحوثيين على آل سعود، إذ لم نعد ندري من البادئ الأظلم. فمن يوقف النزيف العام في الجسد العربي، بل من يوقف بالجزيرة العربية ذلك النزيف الموضعي الذي اشتدت حدته بتوسيع الحوثيين دائرة الحرب وإحداثهم جبهة جديدة على الحدود اليمنية - السعودية؟ فإذا صحت الأنباء عن دعم إيران حاليا للحوثيين وربما لاحقا للشيعة الحجازيين، فإنها تضع النظام السعودي في مأزق هو في غنى عنه في خضم أزمة تنازع المواقع على رأس السلطة بالمملكة، خصوصا وأن التفاوض ولو السري مع إيران بات شبه محظور على دولة كالسعودية في ظل تشدد حلفائها الغربيين حيال الملف النووي الإيراني وتلويحهم بخيار الحرب. لاأظن أن إيران تريد حربا مباشرة مع السعودية وإن كانت تمكنها من صرف أنظار 'المجتمع الدولي' عن ملفها النووي وتجعلها تستبق حرب الغرب المحتملة عليها، لكنها لن تعدم الوسائل للمزيد من دعم الحوثيين وشيعة الحجاز، في حروب بالوكالة تعودت عليها، إن لم تبادر المملكة إلى التفاوض مع الحوثيين ورد الكرة إلى ملعب النظام اليمني من جهة، وتطبيق وعود تمكين الشيعة من حقوقهم السياسية والاقتصادية، تلك الوعود التي أطلقها خادم الحرمين لدى زيارته 'التاريخية' الأخيرة للإقليم الشيعي من المملكة. عبد اللطيف البوزيدي-القدس العربي اللندنية |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق